صمت بليغ

كل ما استطاعت ان تشعر به كان اللاشئ...

صمت قلبها عن الكلام...وعن النبض..

صمت قلبها عن الحياة...

شعرت ببسمتها على وجهها قائمة شامخة كما هى...وقلبها يبكى بكاء الثكل المرير...

تلاشى ذلك البريق من عينيها فى لحظة....لتحل عليه تلك الغمامة الباكية....فتخنقها بانعدام المشاعر...

لم تستطع ان تتقبل وقع تلك الاخبار على قلبها...اعتصر قلبها شعور باللاوجود...وكأن كل شئ تلاشى من المحيط الأخضر لينسل مكانه حضن بارد من السواد المظلم الخالى من النجوم او بصيص الضوء..

صمتت....فتحدث صمتها بأبلغ اللغات....

صمتت....فعبرت عما لا يمكن لأى كلمات مهما كثرت وأصبحت من البلاغة أن تعبر عنه....

صمتت....وابتسمت..

شذى شبح بسمة قد انكسرت...فأصبحت ماضيا خُط على أوراق الطوى المنسى...

بسمة تطل بأنامل خدرة تجاه الحاضر..معلقة على المشانق بين الحياة والموت..

كمحارب قديم..اصيب مرات ومرات...فانكسر.. ولم ينكسر!

بسمة متحدثة بليغة ذات دوى عالٍ فى أصداء الصمت الساكن....صمت الصدمة..

صمت الدهشة..

.صمت اللاوجود الفجائى...وكأنها هى قد انسلت من جسدها لتصبح شبحا خفيا يقف فيَرى ولا يُرى...فيبث الشعور فى قلوب الاخرين ولا يشعر هو...

صمتت...لتتكدس تلك المشاعر بين طيات روحها, فتسرى ببطء فى اعماقها مسببة ذلك الخدر المؤلم الذى لم يشعر به الاّها...فهى لم ترد أن يسرى ذلك السم فيصيب أحباءها ...فيفقدوا ضحكاتهم فى أهواج الحزن..

لم ترد أن تكسر قلوبهم كما انكسر قلبها باختراق تلك الصاعقة المفجعة له...

كل ما ارادت ان تراه هو البسمة على وجوهم...تكفيها رؤية تلك الزهرة النضرة ذات العبق الجميل لتمسح الدموع التى نزفها ذلك القلب...قد لا تداويه...ولكنها بالتأكيد ستمسح آثار النهاية فى محاولة لمد بسمتها من الصفحة الحزينة التى طغت عليها أختها البيضاء..فتكتب بعبقها صفحات جديدة من السعادة من قلب الألم..

بصمتها...واختناق كلماتها...تحدثت...

فانسابت الكلمات الخفية كالنسيم الذى لا يشعر به الجسد ولكنه يلفح النفس...انسابت مع تلك الذرات المترامية فى الهواء لتتلاشى فى الافق البعيد...بدون أن تسمعها أذن, ولكن قد يكون قد شعر بها أحد القلوب القريبة..

فكفى ألم قلبها..

صمتت...وبكت...

وابتسمت..!

فاختلطت تلك الدموع المفجوعة بالألم ببسمة صافية من الذكريات وشعور بالقوة والاستعداد للوقوف بعزة فى وجه الرياح العاتية التى ترسل عواصفها الهوجاء ورعدها المرعب فى الأفق..

قد تغلب تلك البسمة الدموع...

بل ستغلب تلك البسمة الدموع!!